منتدى
مستجدات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
والتهرّب الضريبي وإجراءات نقل الأموال عبر الحدود
في قطاعات المال والأعمال
ورقة عمل بعنوان
“انعكاسات التشريعات المصرفية والمالية الجديدة على قطاع المال والأعمال”
إعداد
أ. د سمير الشاعر
أستاذ المحاسبة والاقتصاد الإسلامي
مستشار ومحاضر في العديد من الجامعات اللبنانية
عضو سابق في مجلس أمناء صندوق الزكاة في لبنان
محكّم مالي وأكاديمي لجامعات، مجلات ومؤسسات مرجعية
خبير معتمد في المالية الإسلامية لدى صندوق النقد الدولي IMF
مدير التدقيق الشرعي سابقاً في بيت التمويل العربي (مصرف إسلامي)
عضو اللجان الشرعية في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI
لرؤية المقال بصيغة PDF
بسم الله الرحمن الرحيم
إن التغيير الدولي الحاصل اقتصادياً وسياسياً وخاصة بعد موجات الإرهاب المتتالية إقليماً وعالمياً، كان لزاماً على لبنان أن يحصن البيئة القانونية الخادمة لقطاع المال والأعمال عصب الاقتصاد اللبناني، فكان إقرار القوانين:
- قانون –التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود– معجل رقم 42 تاريخ 24/11/2015
- قانون –تبادل المعلومات الضريبية – معجل رقم 43 تاريخ 24/11/2015
- قانون –مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب- معجل رقم 44 تاريخ 24/11/2015
في الأهداف:
يتمتع لبنان بنظام مصرفي متمكن ومتميز، ينعم بمزايا قانون السرية المصرفية الذي يزعج بعض البيئات المصرفية العالمية، لذلك جاءت القوانين الثلاث لتمكن لبنان من:
- الانسجام مع المحيط العالمي قانونياً وفنياً
- دعم الجهود الدولية في محاربة تمويل الإرهاب ومكافحة تبيض الأموال
- التزام المعايير والتصاريح في نقل الأموال عبر الحدود
- المساهمة في تبادل المعلومات الضريبية وفق الأصول المرعية الإجراء.
في بيئة المال والأعمال:
لم تكن القوانين السابقة هي الوحيد المقرة في لبنان للسير على الخطى العالمية في التنظيم والتقنيين، بل سبقها العديد من الموضوعات التي تناولتها تعاميم المصرف المركزي اللبناني، كإعرف عميلكKYC وال FATCA، ,,,و غيرها العديد.
ولكن لبنانياً:
هل هذه القوانين وما سبقها تخدم البيئة اللبنانية على مستوى المال والأعمال؟
هل من انعكاسات لهذه القوانين على بيئة المال والأعمال في لبنان؟
- على مستوى المصارف وخاصة الإسلامية منها
- على مستوى عملاء المصارف
- على مستوى الاقتصاد الوطني
وللإجابة على هذه التساؤلات بالإيجاز المناسب لمداخلتي في المنتدى نقول:
إن لبنان قديم منتشر عالمياً يعرف قدر التواصل المالي والاقتصادي، فجذوره التجارية والمالية ضارة في التاريخ، ولا يرى غضاضة من أي تقنين يخدم الاقتصاد العالمي، ولكن تبقى المهارة أن نلبي المتطلبات العالمية التقنينية دون الإضرار ببيئة المال والأعمال في لبنان المقيم والمنتشر، وفي مقدمهم حملة الجنسيات الأخرى.
بالإجابة على التساؤلات:
هل هذه القوانين وما سبقها تخدم البيئة اللبنانية على مستوى المال والأعمال؟
نعم، تخدم جانب الالتزام الدولي وتقنين ظروف رجال الأعمال اللبنانيين، على أن يرافق ذلك دعم سريع في متابعة المستجدات لناحية الإجابة على أي استفسارات مالية من الجوانب الدولية أو رجال الأعمال اللبنانيين اللذين قد يضاروا من بعض الإجراءات، وتلافي الالتباس والاشتباه خاصة على صعيد أسماء الأشخاص والشركات، يليه بعض النشاطات وفي مقدمها المتداخلة بين بيئة الهجرة والأعمال والتحويلات بسبب الانتشار اللبناني.
فمن يغير المقبول تجميد أو تعطيل حسابات أو أوضاع بعض الأشخاص والشركات ولفترات طويلة على أمور قد يكفي فيها التوضيح البسيط والسريع، لما لهذا من انعكاسات على أموال وأعمال اللبنانيين في الداخل والخارج.
هل من انعكاسات لهذه القوانين على بيئة المال والأعمال في لبنان؟
- على مستوى المصارف وخاصة الإسلامية منها
- على مستوى عملاء المصارف
- على مستوى الاقتصاد الوطني
على مستوى المصارف عموماً والمصارف الإسلامية خصوصاً:
نجد تدخلات الخزانة الأمريكية وبعض البنوك المراسلة في العديد من العمليات والأسماء، مقبول أصولاً غير أن له العديد من الانعكاسات على اللبناني المقيم والمنتشر، ففي العديد من دول الانتشار تحوم الشبه حول بعض المستثمرين ورجال الأعمال فينعكس الأمر على الأسماء المشابهة والقريبة منها وأقارب المشتبه بهم، ويعرف ذلك تماماً:
- مسؤولي ال COMPLIANCE في البنوك، فالهاتف يرن من الخزانة الأمريكية أو بعض البنوك المراسلة وليس لمكالمة قصيرة وعابرة بل مخابرات تطول وتطول وتدخل في الكثير من التفاصيل، وصولاً لتسمية بعض العملاء بالتحديد وإثارة الشبهة حولهم أو تصنيفهم مباشرة الأمر الذي ينعكس إقفال لأعمال الشخص المسمى، ففي جانب لا يلام البنك على إقفال حسابات العميل ليحمي مؤسسته، ولكنه سيلام مع توسع الأمر أو في حالة العملاء ذوي العلالقة المتشابكة مع البنك (مدينها ودائنها و…..).
- المصرف المركزي المتابع لكل وارد من الخارج ويتعلق بالبنوك في لبنان بدوائره المختلفة وفي مقدمها هيئة التحقق.
- المصارف الإسلامية، على رغم صغر حصتها في السوق اللبناني إلا أنها تحت المجهر لربط جزء من الإرهاب ويا للأسف الإسلام.
ابتداء هي مصارف ملتزمة وبشهادة الجهات الرسمية وفي مقدمها المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف، ولا تترد بالتعاون مع أي اسم حوله شبهة من الأفراد أو الشركات، ولكن تكمن المشكلة ببعض أسماء الجمعيات، وهو ما سنعرج عليه لاحقاً.
على مستوى العملاء:
قليلة هي العملاء المشتبه فيها عموماً من قاعدة عملاء البنوك اللبنانية ولكن الأمر النفسي يجعل الأمر بلبلة وكأن الأمور ذاهبة للأسوأ وهو ما يحتاج لتوعية اجتماعية خاصة في القوانين الثلاث الأخيرة، فالمتابع لردات أفعال العملاء في جلسات اجتماعية أو عائلية، سألني البنك أسئلة كثيرة وكلما حركت مبلغ داخل وحتى خارج لماذا؟ وكيف؟ ……..وغيرها.
فتكون ردات الفعل مستغربة أو متفهمة أو متشائمة أو منسحبة من النظام المصرفي أحياناً.
ولكن العملاء على شكل هيئات مجتمع مدني أو خيري، الأمر معها مختلف فعامة الجمعيات الخيرية العاملة في لبنان لها حسابات في المصارف، وهو ما لا يعجب أو ينسجم مع بعض التوجهات الخارجية بدليل شكوى العديد من هذه الجمعيات من كثرة الأسئلة والتي في غير موضعها رغم العمر الطويل لحساباتها، فضلاً عن التضييق الممارس من بعض البنوك وفي العديد من الأوضاع بغير مبرر واضح.
لا يفهم من نقل الشكوى السابقة تشجيع الجمعيات ومؤسسات العمل المدني من عدم التجاوب أو التملص من القوانين، بل الهدف:
- الوقوف على الواقع السليم والصحيح بما لا يضر بالمؤسسات أو البنك على حد سواء.
- مراعاة خصوصية العمل المدني والخيري والإنساني، فمثلاً البنوك تعرف وبدقة واقع عمل هذه المؤسسات وخاصة الإسلامية بأن نشاطها في شهر رمضان المبارك كبير وواسع في الإيداعات خلاف كامل العام، وذلك بسبب أداء الكثير من المسلمين لزكاة أموالهم في هذا الشهر الفضيل.
- وأيضاً أن بعض الجمعيات ترعى مشاريع بالتعاون مع بعض الدول وخاصة الخليجية منها لصالح المساجد والأيتام الفئات الاجتماعية الضعيفة، فلا مانع من التحري والتعاون ولكن دون الوصول لتوقيف الأعمال أو التعاون أو الإضرار.
- وغيرها من المشاكل التي تعانيها هذه الجمعيات خاصة بعد ورد أي شبهة بحقها أو حق أحد المتبرعين لها أو …….
– على مستوى الاقتصاد الوطني:
لبنان بلد عريق في الممارسة المصرفية مؤسساتياً وشعبياً، بخلاف الكثير من الدول العربية والإسلامية، فالثقافة البنكية منتشرة عامودياً وأفقياً ي مختلف أرجاء المجتمع اللبناني، الأمر الذي أضعف السوق الموازي أو الموارد خارج النظام البنكي، ليس معنى هذا أن التطبيق 100% بل قريب منها.
وعليه الخطر القادم صياغة الإجراءات كتضييق وليس كالتزام، وصولاً لإقفال الحسابات، الأمر الذي قد يدفع البعض للخروج من المنظومة البنكية وتنمية السوق والاقتصاد الموازي، وهو في غير صالح الاقتصاد اللبناني.
وختاماً:
- نشجع الالتزام القانوني المحلي والإقليمي والعالمي بما لا مضرة فيه للبنان ومؤسساته ورجال أعماله.
- نشجع على التأقلم مع المتطلبات الجديدة وصياغتها بما يخفف انعكاساتها على الواقع اللبناني وخاصة في القطاع الأهلي والخيري.
- نشجع إدارات البنوك على مراعاة مصالحا وتفهم مصالح الجهات المختلفة وفق المتطلبات بتؤدة وتعاون بما يخدم لبنان وأهله واقتصاده.