مقال لمجلة آفاق
أ.د. سمير الشاعر
أستاذ محاضر في العديد من الجامعات
مستشار الاقتصاد والتمويل المصرفي الإسلامي
عضو سابق في مجلس أمناء صندوق الزكاة في لبنان
خبير معتمد في المالية الإسلامية لدى صندوق النقد الدولي IMF
مدير التدقيق الشرعي سابقاً في بيت التمويل العربي (مصرف إسلامي)
عضو اللجان الشرعية في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI
لرؤية المقال بصيغة pdf
العديد من الأسواق تقبلت المصارف الإسلامية بعكس أخرى، غير أن الحصة السوقية عالمياً وإقليماً ومحلياً في بعض الدول لا زالت خجولة وهو الأمر الذي يؤثر على فكرة الصناعة ذاتها أكثر مما تؤثر التجارب المحدودة الناجحة.
والصناعة يلزمها الكثير لتقوي حضورها المهني، ليس أولها تخفيض الانتقادات من بيئتها الحاضنة وليس آخرها ارتفاع كلف التعامل معها.
قبل الحديث عن الصناعة وما نأمله لها ومنها، دعونا نتعرف على زبونها (عميلها) وبيئته المجتمعية بعروض الصناعة التقليدية.
لا يخفى على أحد أن ثقافة العمل المصرفي تصوغه وتبنيه الصناعة التقليدية بحضورها القوي وخدماتها المتلائمة مع التغيرات السريعة والخدمة المتوافرة عند أطراف الأصابع على الجوال بعد الكمبيوتر.
فهل يُلام من يحب أن يرى مؤسساته المصرفية على شاكلتها؟
بالطبع لا يلام، ولكن أين دوره في دعم عملها لتكون بنفس الحضور والحصة السوقية.
هذا الجانب للأسف لا يراه، كونه غير راغب في تحميل نفسه أدنى مسؤولية، ولا يكتف بذلك بل يطالب متخذاً من السلبية منهجاً لإيصال رسالته الإيجابية. هذه الحلقة المفرغة لا بد من كسرها بالشراكة المجتمعية والمهنية بعد الإيمان بضرورة الحضور القوي لأدوات التعامل المتفقة وشرعنا الحنيف.
وهنا تكمل قمة جبل الجليد، الحائل بين رغبات الجمهور والإنجاز.
عموماً الصناعة المصرفية كأي صناعة لا بد من تحقق مقوماتها لتتوسع وتنتشر، وأي صناعة لها مدخلات تنتهي بعد التشغيل بمخرجات،
* مدخلات
* مخرجات
* تشغيل
– مدخلاتها البيئة الحاضنة، المقومات بشرية (رأس مال، يد عاملة، خبرة ومهارة وأسواق) والمقومات طبيعية (طاقة،….).
– التشغيل هو الصنعة المصرفية المحترفة التي يطلبها الجمهور.
– مخرجاتها خدمات متميزة لقطاعات المجتمع المختلفة:
- القطاع الخدمي
- القطاع التجاري
- القطاع الزراعي
- القطاع الصناعي
- القطاع السياحي
- القطاع (البشري) الاستهلاكي
لو أردنا التعمق في المدخلات لنحصد يوماً المخرجات، لا بد من أن نمهد الأرض التي تنبت عليها المقومات البشرية بالإضافة إلى الحفاظ على ما حوت بواطنها وما حملت ظهورها.
في البيئة الحاضنة:
– هل المعرفة بالعقود والمعاملات الشرعية شائعة الانتشار أم أن البيئة أبعد ما تكون عن المعرفة في هذا الجانب من الشريعة التي ينظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان؟ ونحن من يتغنى بوعي الغرب وأهله وهم من أعمق الناس بقوانينهم ويدرسونها منذ نعومة أظفارهم في المدارس ويتعلمون في المقابل أن القانون لا يحمي المغفلين.
– هل نهضت البيئات التعليمية والأكاديمية في مختلف مراحل التعليم بإعطاء حصة معرفية لهذه العقود والمعاملات بمعلوماتها المالية وطبيعتها الاقتصادية لنجني آثارها مخرجات تطمئن لها نفوس الشباب ويستفيد منها أهل الصناعات والتجارات والأسواق؟
– هل اتقى الله في الناس ممثلي هذا الجانب من العلوم وهم الدعاة وأئمة المساجد ومن شاكلهم في الشرح والتطبيق؟
– هل وطدنا أنفسنا على التمييز بقسم من ثقافتنا، أم استسهلنا التقليد الأعمى دون أدنى شعور بالغيرة والرغبة في التفوق والنجاح؟
– هل الممارسة التطبيقية للقائم من الصناعة جاءت على الصورة المأمول منها في نظر الجمهور؟ أو هل أنجزت إبهار الطرف الاقتصادي الآخر الشريك لنا في هذا العالم؟
كل هذه الأسئلة وكثير سواها، لا بد أن نطرحها باستمرار على أنفسنا وصولاً لهدفنا، ومن يظن أن الأمور تأتي يسراً دون جهد أو عناء فهو واهم، وكما قيل “ما الفرق بين الحلم والإنجاز؟” جاء الجواب أن تستيقظ لتحققه.
وأختم، طلب المخرجات دون تأمين المدخلات أولاً وعملية التشغيل ثانياً، تواكل وليس توكل وليس هذا ما دعانا له شرعنا الحنيف، ولا المصلحين من هذه الأمة، وأتمنى على الصالحين المتورعين أو متخذي التورع حجة أن يرحمونا من إرجافهم وقعودهم عن الإنجاز.