الاقتصاد من جند الله

الاقتصاد من جند الله

 

بقلم الدكتور سمير الشاعر  2015/09/17

تتباهى الدول الكبرى وخاصة الأقوى اقتصادياً بفرض وجهة نظرها ومنظومة عملها على الدول الأضعف وإذا أمكنها على العالم كله فلن تألوا فرصة لتحقيق ذلك، فالعالم تحكمه في المقام الإقتصادي ثلاث صناعات تقودها الدول الكبرى وفي مقدمها أمريكا وهي:

1- صناعة السلاح: وهي الصناعة التي تمول وصول الرؤساء والإدارات الحاكمة للحكم، فبدونها لا مجال عملياً لتحقيق ما تعيشه الإدارات الحاكمة وبالتالي ليس أمام الحكم القائم إلا تحقيق أهداف أهل هذه الصناعة، بغض النظر عن المآسي أو مصالح الإنسان، ولذلك كثير من الدول تراها تنهار وتدخل في حروب واحتراب داخلي وهو الأنفع والأكثر ربحية لهذه الصناعات، أما الدول الرخوة والمعرضة لمثل هذا المصير تراها تقدم عقود شراء السلاح بأرقام خيالية للإبقاء على وجودها ولو على حساب المديونية العامة كونها نظرت فقالت بديل أخف شر من بديل آخر.

2- صناعة الدواء(وبمسمى آخر المخدرات بمفهوميها السلبي والإيجابي): إن التحكم غير المتخيل بمنتجات هذه الصناعة وتوجيه حيث الرغبة أداة تحكم سياسية لا تقل عن السابقة بشيء، هذا مع تلافي الكلام عن المؤامرة ورمي فيروسات ضارة عمداً لخلق أمراض أو بشكل أدق في منطقهم، أسواق لمنتجاتها ودائما في الدول الأكثر فقراً وتخلفاً، لتكون النتيجة إرتهان هذه الدول ومقدراتها الإقتصادية وغيرها لصالح حيتان هذه الصناعات والتي تمثلهم بكثير من المفاصل الدقيقة الحكومات الكبرى المنتفعة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من هذه الشركات.

3- صناعة السينما: الكثيرين يعلمون ويظنون أنها صناعة الترفيه والاستمتاع، ولكن نسوا من قائد هذه الصناعة؟ وما يبث عبرها؟ وما النتيجة التي يخرج بها مشاهدوا الأفلام الأجنبية خاصة؟ فقد أحسنوا استدراج العالم والجمهورمن منطقة الاستمتاع إلى منطقة الإنبهار بقوة العارض عبر فلمه، ليخرج الكثير من شبابنا بأن بطل واحد منهم يعادل جيوش من عندنا ويستهزئوا قائلين “يريدون مجابهتم”، هذه العبارة مدخل الإنهزام والاستسلام، كان هذا قبل الخيال العلمي والتقنيات غير العادية والتي جعلت في نفوس مواطني الدول المتخلفة شعور أعمق من الاستسلام والإنبهار والخضوع.

طبعاً هذا الأصل المتداول والذي أجده عرض للسلبي فقط، فالإيجابي أن بعض شباب هذا البلدان المتخلفة أو أي أسم سموها به، يطمح ليكون جزءاً من هذه الصناعات ومثيلاتها، فبدأت هجرات الكفاءات بعد أن كانت هجرات الجوع والاضطهاد، وحقيقة ارتفع الرأس بكثير من شباب هذه الدول المتخلفة عندما أتيحت لهم الفرصة في تلك البلاد، وأصبحوا إضافة لا تنكر ولا يستغنى عنها عند أهل هذه الصناعة، وتنبهوا أن استقبال كفاءت أكثر يعني أرباح أكثر، فعمدوا إلى سياسات متدرجة من دعم حكام البلاد لمزيد اضطهاد لشعوبها، ثم تقليل الخدمات لتيئيس المواطنين من بلدانهم وصولاً لافتعال الحروب لأخذ الخبرات والكفاءات طوعاً، وإن ظهرت كفاءات ممكن أن تهدد مصالحهم فبدئلهم بالإزاحة لها، لا تبدأ بإفشالهم في بلدانهم بل ممكن أن تتدرج لإزاحتها عن مائدة الحياة إن لم تحصل عليهم أو تكف اختراعاتهم عنها.

نجحوا وتمادوا ثم تجبروا وطغوا، خاصة بأدواتهم العصرية المبهرة ليس أولها البورصات ولا آخرها برامج الفضاء وتوطين أهل الأرض فوق أو السياحة لهم في الفضاء الواسع، كل هذا ونسوا أن الله مطلع على ما يعملون، وما فرعون وهامان وقارون، إلا نماذج مد الله بطغيانهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

فالمراقب يتعجب من كل العلوم المستخدمة والبرمجيات الهائلة الموظفة والرياضيات بفنونها المعتمدة والأموال بصنوفها، فتأتي لحظة يبحثوا عن كل ما سبق فلا يجدوه، فلن أعدد المطبات والكوارث الإقتصادية في العصر الحديث من لدن الكساد الكبير 1929م إلى اليوم بل يكفي النظر للأزمة الحاضرة القائمة بين ظهرانينا، وما فرضته وما أحدثته ليس بالأفراد بل وبالدول فاليوم نرى الدول تكاد تزول كزوال قارون، وقد وجدنا حكاماً يزولون.

فالبورصة في أيلول 2008، كانت تظهر أرقاماً بستمائة تريليون (600.000.000.000.000)، بينما الاقتصاد العالمي يماثل عشرة بالمآئة فقط من هذا المبلغ، فكان السؤال الكبير أي ذهب الفرق؟ والعلماء لا زالوا يدرسون من الأسباب للنتائج، وتوصلوا لنتائج عديدة منها ما يوافق الشريعة خاصة لا تبع ما لا تملك، ولا يجوز العمل بالربا وغيرها العديد مما يعرفه أهل الإطلاع، ليس هذا الموضوع الآن، بل الصحيح أن آليات الاقتصاد المبتدعة والتي هي مبهرة علمياً حققت لهم الثروة والحكم والتحكم والظلم والفتن المتنتقلة كما يريدون، ونسوا من وفقهم ومطلع على سرائرهم، ليقفوا حيارى مشدوهي الأفكاك أين الفرق؟ أين التحوطات التي جعلناها ليتحمل الأضف الخسائر؟ أين بدائلنا الحامية؟ أين علماؤنا الذي تخصصوا في حمايتنا؟

فكثير مما جاءتهم الإجابة عليه كل ما تذكرونه من أسئلة بناء على ما نعلم من آليات الاقتصاد، إلا أن هناك آليات استجدت لم نكن ندري عنها شيء ولا زلنا لا نعلم الكثير منها وعنها. والمحققون من العلماء الفنيين ردوا الأمر إلى أن الاقتصاد يصحح نفسه كما الجسم يعيد برمجة نفسه بما لا نتوقع ولا نفهم.

اتخذوا الاقتصاد أداة ظلم وتحكم وتعالي، فجوزوا من جنس العمل الذي أتوه، ولكن هل اتعظوا؟ الجواب: لا، فقد استحدثوا حروبهم في منطقتنا فجاء اللجوء والتهجير ليصفعهم  من حيث لم يحتسبوا، فأنابوا للدول المستضيفة للاجئين نعاونكم لرفع العبء عن اللاجئين وفي مقدمها التعليم ثم الصحة، ولكن أيضاً سيكذبون.

والله ليس بغافل عما يعملون.